اقتصادتركيا

تركيا.. هل سيؤدي خفض الفائدة إلى خفض التضخم؟

يترقب السوق التركي قرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة المقرر الإعلان عنه في 26 ديسمبر الجاري. ويشهد هذا القرار انقسامًا واضحًا بين الاقتصاديين، حيث يرى البعض إمكانية خفض الفائدة، بينما يتوقع آخرون بقاءها دون تغيير. في هذا الإطار، طرح الخبير الاقتصادي التركي، إبراهيم القهوجي، تساؤلات حول تأثير خفض الفائدة على معدلات التضخم في تركيا، محذرًا من أن الوضع الحالي قد لا يساهم في تحقيق النتائج المرجوة.

استمرار التضخم رغم التوقعات بخفض الفائدة

أوضح القهوجي أن خفض الفائدة قد لا يكون كافيًا للسيطرة على التضخم. فقد أظهرت بيانات سوق السندات أن أسعار الفائدة على السندات طويلة ومتوسطة الأجل لا تزال مرتفعة، بينما تشهد السندات قصيرة الأجل تقلبات كبيرة. وأضاف أن الأسواق لا تتوقع انخفاضًا سريعًا في الأسعار رغم الحديث عن إمكانية خفض الفائدة.

تغييرات في الاستهلاك وأسعار السلع

وأشار القهوجي إلى أن التغيرات في استهلاك المواطنين تعد مؤشرًا رئيسيًا على استمرار التضخم. ففي الوقت الذي يرتفع فيه الاستهلاك بشكل ملحوظ، يبقى معدل الادخار منخفضًا، مما يعكس استمرار الضغط على الاقتصاد. واستشهد القهوجي بفترة عام 2019، حين ساعد الانخفاض النسبي في استهلاك السلع مقارنة بزيادة الأسعار على خفض معدلات التضخم.

تحديات في الاقتصاد التركي

أكد القهوجي أن الاقتصاد التركي يعاني من تحديات كبيرة تمنع تحقيق الفائدة المرجوة من خفض أسعار الفائدة. وذكر أن قطاعات مثل العقارات والسيارات تشهد استهلاكًا مفرطًا، بينما يعاني قطاع الصناعة من تراجع الإنتاج. كما أشار إلى انخفاض واردات السلع الاستثمارية مقارنة بالسلع الاستهلاكية، وهو ما يعكس نجاحًا جزئيًا في ضبط استهلاك السلع الاستثمارية، لكنه فشل في تقليل الطلب على السلع الاستهلاكية.

توزيع الدخل وزيادة التفاوت الاجتماعي

تناول القهوجي مشكلة توزيع الدخل في تركيا، مؤكدًا أن الفئات ذات الدخل المنخفض لم تستفد من زيادات الأجور بما يتماشى مع التضخم، بينما زادت مكاسب الفئات الأكثر ثراءً. وأضاف أن أسعار العقارات في المناطق الفقيرة بقيت ثابتة، بينما شهدت ارتفاعًا كبيرًا في المناطق الفاخرة، مما يعمق الفجوة بين الطبقات.

الحلول الاقتصادية المطلوبة

خلص القهوجي إلى أن خفض الفائدة وحده لن يكون كافيًا للسيطرة على التضخم. وشدد على أن تركيا بحاجة إلى تبني استراتيجية اقتصادية شاملة لمعالجة جذور المشكلة. وأكد أن الخطوات غير المدروسة قد تؤدي إلى جمود اقتصادي، مشيرًا إلى أهمية اتخاذ تدابير أكثر شمولًا لتحقيق نتائج ملموسة.

دروس مستفادة من الأرجنتين

وفي ختام حديثه، حذر القهوجي من تكرار أخطاء دول أخرى مثل الأرجنتين، التي شهدت أزمات اقتصادية نتيجة سياسات مالية غير مدروسة. وأكد أن تركيا بحاجة إلى حلول جذرية بدلاً من الاكتفاء بإجراءات سريعة قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى